فصل: بَابٌ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ بِالْأَفْرَادِ وَالشَّفُوعِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.فَصْلٌ فِي بَيَانِ أُصُولِ مَسَائِلِ انْتِقَالِ الْعَدَدِ:

اعْلَمْ بِأَنَّ الْعَادَةَ نَوْعَانِ: أَصْلِيَّةٌ وَجَعْلِيَّةٌ فَصُورَةُ الْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَنْ تَرَى الْمَرْأَةُ دَمَيْنِ وَطُهْرَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ صَحِيحَيْنِ عَلَى الْوَلَاءِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَصُورَةُ الْعَادَةِ الْجَعْلِيَّةِ أَنْ تَرَى الْمَرْأَةُ دَمَيْنِ وَطُهْرَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ بَيْنَهُمَا مُخَالِفٌ لَهُمَا أَوْ تَرَى أَطْهَارًا مُخْتَلِفَةً أَوْ دِمَاءً مُخْتَلِفَةً فَيَنْصِبُ أَوْسَطَ الْأَعْدَادِ لَهَا عَادَةً عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَوْسَطِ الْأَعْدَادِ وَأَقَلُّ الْمَرَّتَيْنِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَقَلِّ الْمَرَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فَتَكُونُ هَذِهِ عَادَةً جَعْلِيَّةً لَهَا فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ سُمِّيَتْ جَعْلِيَّةً؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ عَادَةً لَهَا لِلضَّرُورَةِ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا دَلِيلُ ثُبُوتِ الْعَادَةِ حَقِيقَةً فَإِنْ رَأَتْ الْعَادَةَ الْجَعْلِيَّةَ بَعْدَ الْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ قَالَ أَئِمَّةُ: بَلْخِي رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَا تُنْتَقَضُ بِهِ الْعَادَةُ الْأَصْلِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا دُونَهَا.
وَالشَّيْءُ لَا يَنْقُضُهُ مَا هُوَ دُونَهُ إنَّمَا يَنْقُضُهُ مَا هُوَ مِثْلُهُ أَوْ فَوْقُهُ؛ وَلِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِالضَّرُورَةِ لَا يَعْدُو مَوْضِعَ الضَّرُورَةِ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ الضَّرُورَةُ فِي إثْبَاتِ عَادَةٍ لَهَا، وَلَا ضَرُورَةَ فِي نَقْضِ الْعَادَةِ الَّتِي كَانَتْ لَهَا، وَمَشَايِخُ بُخَارَى رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُونَ: تُنْقَضُ الْعَادَةُ الْأَصْلِيَّةُ بِالْعَادَةِ الْجَعْلِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّكَرُّرِ فِي الْعَادَةِ الْجَعْلِيَّةِ بِخِلَافِ مَا كَانَ فِي الْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ مِثَالُهُ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ الْأَصْلِيَّةُ فِي الْحَيْضِ خَمْسَةً لَا تَثْبُتُ الْجَعْلِيَّةُ إلَّا بِرُؤْيَةِ سِتَّةٍ أَوْ سَبْعَةٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ فَالتَّكْرَارُ فِيهَا خِلَافُ الْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ مِرَارًا؛ لِأَنَّ سَبْعَةً وَثَمَانِيَةً يَتَكَرَّرُ فِيهَا سِتَّةٌ فَبِالتَّكْرَارِ بِخِلَافِ الْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ نُنْتَقَضُ تِلْكَ الْعَادَةُ وَلَكِنْ لِكَوْنِهَا مُتَفَاوِتَةً فِي نَفْسِهَا تَكُونُ الْعَادَةُ الثَّانِيَةُ جَعْلِيَّةً لَا أَصْلِيَّةً ثُمَّ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعَادَةَ الْأَصْلِيَّةَ لَا تُنْتَقَضُ بِرُؤْيَةِ الْمُخَالِفِ مَرَّةً وَاحِدَةً إلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى إذَا كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ خَمْسَةً، وَفِي الطُّهْرِ عِشْرِينَ فَطَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تُصَلِّي مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ خَمْسَةً تَمَامَ عَادَتِهَا فِي الطُّهْرِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَدَعُ مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ خَمْسَةً، وَقَدْ انْتَقَلَتْ عَادَتُهَا فِي الطُّهْرِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ بِالرُّؤْيَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَأَمَّا الْعَادَةُ الْجَعْلِيَّةُ تُنْتَقَضُ بِرُؤْيَةِ الْمُخَالِفِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَبِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ مِنْ الْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَثُبُوتُهَا مَا كَانَ بِسَبَبِ التَّكْرَارِ فَكَذَلِكَ انْتِقَاضُهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ التَّكْرَارِ فِيمَا يُخَالِفُهَا بِخِلَافِ الْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ ثُمَّ الْمُبْتَدَأَةُ إذَا رَأَتْ أَطْهَارًا مُخْتَلِفَةً وَدِمَاءً مُخْتَلِفَةً فَوَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى نَصْبِ الْعَادَةِ لَهَا.
فَالْبِنَاءُ عَلَى أَوْسَطِ الْأَعْدَادِ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَعَلَى أَقَلِّ الْمَرَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَصَاحِبَةُ الْعَادَةِ وَالْمُبْتَدَأَةُ فِي هَذَا الْحُكْمِ سَوَاءٌ، وَقَدْ تَكُونُ عَادَةُ الْمَرْأَةِ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ جَمِيعًا أَصْلِيَّةً وَقَدْ تَكُونُ جَعْلِيَّةً فِيهِمَا وَقَدْ تَكُونُ أَصْلِيَّةً فِي أَحَدِهِمَا جَعْلِيَّةً فِي الْآخَرِ بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ يَنْبَنِي عَلَى مَعْرِفَةِ الْأَطْهَارِ الصَّحِيحَةِ وَالدِّمَاءِ الصَّحِيحَةِ فَالطُّهْرُ الصَّحِيحُ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنْ لَا يُنْتَقَصَ عَنْ أَدْنَى مُدَّتِهِ، وَأَنْ لَا تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِالدَّمِ فَإِنْ صَلَّتْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ بِالدَّمِ ثُمَّ كَانَ الطُّهْرُ بَعْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذَا صَالِحٌ لِجَعْلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الدَّمِ حَيْضًا غَيْرَ صَالِحٍ لِنَصْبِ الْعَادَةِ بِهِ، وَإِنْ صَلَّتْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِالدَّمِ ثُمَّ كَانَ الطُّهْرُ بَعْدَهُ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَهُوَ غَيْرُ صَالِحٍ لِنَصْبِ الْعَادَةِ، وَلَا يَجْعَلُ مَا بَعْدَهُ حَيْضًا، وَالدَّمُ الصَّحِيحُ أَنْ لَا يُنْتَقَصَ عَنْ أَدْنَى مُدَّتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ طُهْرَيْنِ كَامِلَيْنِ وَبَيَانُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ عَشَرَةً وَفِي الطُّهْرِ عِشْرِينَ فَرَأَتْ الدَّمَ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ طَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ.
فَنَقُولُ: عَشَرَةٌ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ حَيْضَهَا وَالْيَوْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ أَوَّلُ طُهْرِهَا فَتُصَلِّي فِيهِ بِالدَّمِ ثُمَّ الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَدْ جَاءَ الِاسْتِمْرَارُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ زَمَانِ طُهْرِهَا أَرْبَعَةٌ فَتُصَلِّي هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ ثُمَّ تَتْرُكُ عَشَرَةً وَتُصَلِّي عِشْرِينَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ طُهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ رَأَتْ خَمْسَةً دَمًا ثُمَّ طَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ تَكُونُ حَيْضًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ مَرْئِيٌّ عَقِيبَ طُهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيُمْكِنُ جَعْلُهُ حَيْضًا، وَلَكِنْ لَا تَنْتَقِلُ عَادَتُهَا فِي الطُّهْرِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ الْأَوَّلَ قَدْ صَلَّتْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ بِالدَّمِ فَلَا يَصْلُحُ لِنَصْبِ الْعَادَةِ، وَلَوْ كَانَتْ رَأَتْ الدَّمَ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ الطُّهْرَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ الدَّمَ خَمْسَةً ثُمَّ الطُّهْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ فَإِنَّ الْخَمْسَةَ لَا تُجْعَلُ حَيْضًا لَهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ عَقِيبَ طُهْرٍ كَامِلٍ بَلْ بِتِلْكَ الْخَمْسَةِ يَتِمُّ طُهْرُهَا ثُمَّ طَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَعَشَرَةٌ مِنْ ذَلِكَ مُدَّةُ حَيْضِهَا لَمْ تَرَ فِيهِ ثُمَّ جَاءَ الِاسْتِمْرَارُ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ طُهْرِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَتُصَلِّي مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَدَعُ عَشَرَةً وَتُصَلِّي عِشْرِينَ.
وَأَمَّا بَيَانُ الْبِنَاءِ عَلَى أَوْسَطِ الْأَعْدَادِ أَوْ عَلَى أَقَلِّ الْمَرَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ أَنْ نَقُولَ: امْرَأَةٌ حَيْضُهَا خَمْسَةٌ وَطُهْرُهَا عِشْرُونَ رَأَتْ الدَّمَ سَبْعَةً وَالطُّهْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَالدَّمَ سِتَّةً وَالطُّهْرَ سَبْعَةَ عَشَرَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَوْسَطِ الْأَعْدَادِ تَبْنِي عَلَى سِتَّةٍ فِي الْحَيْضِ وَعَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ فِي الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَوْسَطُ الْأَعْدَادِ فِيمَا رَأَتْ لَا أَوْسَطُ مَا تَرَى، وَأَوْسَطُ الْأَعْدَادِ فِي الْحَيْضِ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ كَانَ خَمْسَةً، وَبَعْدَهُ كَانَ سَبْعَةً، وَأَوْسَطُ الْأَعْدَادِ فِي الْحَيْضِ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ سَبْعَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ كَانَتْ عَادَتُهَا فِي الطُّهْرِ عِشْرِينَ، وَقَدْ رَأَتْ مَرَّةً خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَوْسَطُ الْأَعْدَادِ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: بِأَقَلِّ الْمَرَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ إنَّمَا تَبْنِي عَلَى سِتَّةٍ فِي الْحَيْضِ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ فِي الطُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْمَرَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فَقَدْ رَأَتْ مَرَّةً سَبْعَةً وَمَرَّةً سِتَّةً وَفِي الطُّهْرِ مَرَّةً سَبْعَةَ عَشَرَ وَمَرَّةً خَمْسَةَ عَشَرَ فَلِهَذَا بَنَتْ فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى أَقَلِّ الْمَرَّتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَأَصْلٌ آخَرُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ لَهَا عَادَةٌ أَصْلِيَّةٌ فَوَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى نَصْبِ الْعَادَةِ لَهَا بِرُؤْيَةِ أَطْهَارٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ دِمَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ فَيَنْصِبُ لَهَا أَوْسَطَ الْأَعْدَادِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِهِ، وَأَقَلَّ الْمَرَّتَيْنِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِهِ مِمَّا يُوَافِقُ الْعَادَةَ الْأَصْلِيَّةَ فَإِنَّهُ يَطْرَحُ الْمَأْخُوذَ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى أَوْسَطِ الْأَعْدَادِ مِنْ الْبَاقِي أَوْ إلَى أَقَلِّ الْمَرَّتَيْنِ فَإِنْ كَانَ يُوَافِقُ الْعَادَةَ الْأَصْلِيَّةَ عَرَفَتْ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ فَتَبْنِي عَلَيْهَا الْفَسَادَ.
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُوَافِقَةً لِلْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ عَرَفَتْ أَنَّ الْعَادَةَ الْأَصْلِيَّةَ قَدْ انْتَقَضَتْ، وَالْمَطْرُوحُ يَصِيرُ عَادَةً جَعْلِيَّةً لَهَا فَتَبْنِي عَلَى ذَلِكَ فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ وَبَيَانُهُ: امْرَأَةٌ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ عَشَرَةٌ وَفِي الطُّهْرِ عِشْرُونَ طَهُرَتْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ عَشَرَةً ثُمَّ الطُّهْرَ أَرْبَعِينَ ثُمَّ الدَّمَ عَشَرَةً ثُمَّ الطُّهْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ الدَّمَ عَشَرَةً ثُمَّ الطُّهْرَ عِشْرِينَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ فَنَقُولُ: أَوْسَطُ الْأَعْدَادِ فِي الطُّهْرِ عِشْرُونَ؛ لِأَنَّهَا رَأَتْ مَرَّةً ثَلَاثِينَ وَمَرَّةً أَرْبَعِينَ وَمَرَّةً خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَوْسَطُ الْأَعْدَادِ عِشْرُونَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ يَبْقَى بَعْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَثَلَاثُونَ وَأَرْبَعُونَ فَأَوْسَطُ الْأَعْدَادِ ثَلَاثُونَ فَلَمْ يَكُنْ مُوَافِقًا لِلْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْعَادَةَ الْأَصْلِيَّةَ قَدْ انْتَقَضَتْ بِهِ، وَإِنَّمَا تَبْنِي فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى مَا هُوَ الْمَطْرُوحُ، وَهُوَ دَمُ عَشَرَةٍ وَطُهْرُ عِشْرِينَ، وَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ عَشَرَةً وَالطُّهْرَ ثَلَاثِينَ وَالدَّمَ عَشَرَةً وَالطُّهْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَالدَّمَ عَشَرَةً وَالطُّهْرَ عِشْرِينَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ فَأَوْسَطُ الْأَعْدَادِ فِي الطُّهْرِ عِشْرُونَ فَيُطْرَحُ ذَلِكَ يَبْقَى بَعْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَثَلَاثُونَ، وَمَا كَانَ فِي الْأَصْلِ عَادَةٌ لَهَا وَذَلِكَ عِشْرُونَ فَأَوْسَطُ الْأَعْدَادِ مِنْ ذَلِكَ عِشْرُونَ فَلَمَّا وَافَقَ أَوْسَطُ الْأَعْدَادِ مِنْ الْبَاقِي بَعْدَ الطَّرْحِ، الْعَادَةَ الْأَصْلِيَّةَ عَرَفْنَا أَنَّهَا لَمْ تُنْتَقَضْ فَتَبْنِي عَلَيْهَا مَا بَعْدَهَا فَحِينَ طَهُرَتْ ثَلَاثِينَ فَعِشْرُونَ مِنْهَا زَمَانُ طُهْرِهَا وَعَشَرَةٌ مِنْ حِسَابِ حَيْضِهَا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ عَشَرَةً، وَهُوَ ابْتِدَاءُ طُهْرِهَا ثُمَّ الطُّهْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَشَرَةٌ تَمَامُ مُدَّةِ طُهْرِهَا وَخَمْسَةٌ مِنْ حِسَابِ حَيْضِهَا ثُمَّ الدَّمَ عَشَرَةً خَمْسَةٌ بَقِيَّةُ مُدَّةِ حَيْضِهَا وَخَمْسَةٌ مِنْ حِسَابِ طُهْرِهَا ثُمَّ الطُّهْرَ عِشْرِينَ خَمْسَةَ عَشَرَ بَقِيَّةُ مُدَّةِ طُهْرِهَا وَخَمْسَةٌ مِنْ حِسَابِ حَيْضِهَا فَجَاءَ الِاسْتِمْرَارُ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ حَيْضِهَا خَمْسَةٌ فَتَدَعُ خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ ثُمَّ تُصَلِّي عِشْرِينَ ثُمَّ تَدَعُ عَشَرَةً ثُمَّ تُصَلِّي عِشْرِينَ، وَذَلِكَ دَأْبُهَا، وَالْمَسَائِلُ الْمُخْرَجَةُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ كَثِيرَةٌ فِي السُّؤَالَاتِ، وَمَنْ أَحْكَمَ الْأُصُولَ فَهْمًا وَدِرَايَةً تَيَسَّرَ عَلَيْهِ تَخْرِيجُهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

.بَابٌ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ بِالْأَفْرَادِ وَالشَّفُوعِ:

(قَالَ): رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْأَصْلُ أَنَّ التَّقَدُّمَ مَتَى كَانَ بِفَرْدٍ فَإِنَّهَا لَا تَرَى فِي أَيَّامِهَا الْأُوَلِ، وَلَا فِي أَيَّامِهَا الثَّوَانِي وَمَتَى كَانَ التَّقَدُّمُ بِشَفْعٍ فَإِنَّهَا تَرَى فِي أَيَّامِهَا الْأُوَلِ وَالثَّوَانِي، وَالتَّأَخُّرُ مَتَى كَانَ بِفَرْدٍ فَإِنَّهَا لَا تَرَى فِي أَيَّامِهَا الْأُوَلِ وَلَا الثَّوَانِي، وَمَتَى كَانَ بِشَفْعٍ فَإِنَّهَا لَا تَرَى فِي أَيَّامِهَا الْأُوَلِ، وَتَرَى فِي أَيَّامِهَا الثَّوَانِي، وَبَيَانُ هَذَا امْرَأَةٌ حَيْضُهَا ثَلَاثَةٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَطُهْرُهَا سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَرَأَتْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ فَإِنَّهَا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ حَيْضٌ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ وَخَتْمَهُ كَانَ بِالدَّمِ إلَى أَنْ يَنْظُرَ أَنَّ خَتْمَ هَذَا الشَّهْرِ بِمَاذَا يَكُونُ فَيَأْخُذَ دَمًا وَطُهْرًا، وَذَلِكَ اثْنَانِ فَيَضْرِبُهُ فِيمَا يُوَافِقُ الشَّهْرَ، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ ثَلَاثِينَ، وَآخِرُ الْمَضْرُوبِ طُهْرٌ فَعَرَفْنَا أَنَّهَا وَجَدَتْ أَيَّامَهَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي كَمَا وَجَدَتْ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَإِنْ تَقَدَّمَ بِيَوْمٍ بِأَنْ طَهُرَتْ سِتَّةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا فَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ تَمَامُ طُهْرِهَا ثُمَّ كَانَ أَيَّامُهَا ابْتِدَاؤُهُ وَخَتْمُهُ بِالطُّهْرِ فَلَمْ تَجِدْ أَيَّامَهَا فِي هَذَا الشَّهْرِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَتَوَقَّفُ حُكْمُهَا عَلَى مَا تَرَى فِي الشَّهْرِ الثَّانِي.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَجْعَلُ ثَلَاثَةً مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ حَيْضًا لَهَا بَدَلًا عَنْ أَيَّامِهَا، وَحُكْمُ انْتِقَالِ الْعَادَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا تَرَى فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَانْظُرْ أَنَّ خَتْمَ الشَّهْرِ الثَّانِي بِمَاذَا يَكُونُ فَخُذْ دَمًا وَطُهْرًا وَذَلِكَ اثْنَانِ فَاضْرِبْهُ فِيمَا يُقَارِبُ أَحَدًا وَثَلَاثِينَ وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ ثَلَاثِينَ وَآخِرُهُ طُهْرٌ ثُمَّ يَوْمٌ دَمٌ تُتِمُّ بِهِ مُدَّةَ طُهْرِهَا ثُمَّ اسْتَقْبَلَهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ يَوْمٌ طُهْرٌ وَيَوْمٌ دَمٌ وَيَوْمٌ طُهْرٌ فَلَمْ تَجِدْ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ أَيْضًا فَانْتَقَلَتْ عَادَتُهَا إلَى مَوْضِعِ الْإِبْدَالِ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ فِي أَيَّامِهَا مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَقَدَّمَ بِشَفْعٍ بِأَنْ طَهُرَتْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا، وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ فَقَدِمَ طُهْرُهَا بِيَوْمَيْنِ وَاسْتَقْبَلَهَا زَمَانُ الْحَيْضِ يَوْمٌ دَمٌ وَيَوْمٌ طُهْرٌ وَيَوْمٌ دَمٌ فَقَدْ وَجَدَتْ هَذِهِ الْمُدَّةَ إلَى أَنْ يَنْظُرَ أَنَّ خَتْمَ الشَّهْرِ بِمَاذَا يَكُونُ فَتَأْخُذُ دَمًا وَطُهْرًا وَذَلِكَ اثْنَانِ فَيَضْرِبُ فِيمَا يُوَافِقُ اثْنَيْنِ وَثُلُثَيْنِ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَآخِرُهُ طُهْرٌ ثُمَّ اسْتَقْبَلَهَا فِي أَيَّامِهَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي دَمٌ يَوْمٌ وَطُهْرٌ يَوْمٌ وَدَمٌ يَوْمٌ فَقَدْ وَجَدَتْ أَيَّامَهَا وَهَكَذَا تَجِدُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ثُمَّ تَسِيرُ الْمَسْأَلَةُ فِي التَّقَدُّمِ فَرْدًا أَوْ شَفْعًا إلَى أَنْ نَقُولَ: طَهُرَتْ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا كَذَلِكَ فَقَدْ بَقِيَ زَمَانُ طُهْرِهَا أَحَدَ عَشَرَ فَخُذْ دَمًا وَطُهْرًا وَذَلِكَ اثْنَانِ فَاضْرِبْهُ فِيمَا يُقَارِبُ أَحَدَ عَشَرَ.
وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَتَكُونُ عَشَرَةٌ وَآخِرُهُ طُهْرٌ ثُمَّ دَمٌ يَتِمُّ بِهِ طُهْرُهَا ثُمَّ اسْتَقْبَلَهَا فِي أَيَّامِهَا طُهْرٌ يَوْمٌ وَدَمٌ يَوْمٌ وَطُهْرٌ يَوْمٌ فَلَمْ تَجِدْ فِي أَيَّامِهَا فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ أَيْضًا، وَانْتَقَلَتْ عَادَتُهَا إلَى مَوْضِعِ الْإِبْدَالِ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ فِي أَيَّامِهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ تَجِدُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَإِنْ طَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا فَقَدْ بَقِيَ مِنْ طُهْرِهَا اثْنَا عَشَرَ فَخُذْ دَمًا، وَطُهْرًا، وَذَلِكَ اثْنَانِ فَاضْرِبْهُ فِيمَا يُوَافِقُ اثْنَيْ عَشَرَ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَةَ وَآخِرُ الْمَضْرُوبِ طُهْرٌ فَاسْتَقْبَلَهَا فِي أَيَّامِهَا يَوْمٌ دَمٌ وَيَوْمٌ طُهْرٌ وَيَوْمٌ دَمٌ فَقَدْ وَجَدَتْ فِي أَيَّامِهَا إلَى أَنْ يَنْظُرَ أَنَّهَا هَلْ تَجِدُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَخُذْ دَمًا وَطُهْرًا وَاضْرِبْهُ فِيمَا يُوَافِقُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَآخِرُهُ طُهْرٌ ثُمَّ اسْتَقْبَلَهَا فِي أَيَّامِهَا دَم يَوْمٌ وَطُهْرٌ يَوْمٌ وَدَمٌ يَوْمٌ فَقَدْ وَجَدَتْ، وَهَكَذَا تَجِدُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَإِنْ تَأَخَّرَ بِيَوْمٍ بِأَنْ طَهُرَتْ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا فَنَقُولُ: أَنَّهَا لَمْ تَجِدْ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ أَيَّامَهَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تُصَلِّي إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي وَحُكْمُهَا مَوْقُوفٌ عَلَى مَا تَرَى فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَجْعَلُ الثَّلَاثَةَ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ حَيْضًا لَهَا بَدَلًا وَحُكْمُ انْتِقَالِ الْعَادَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا تَرَى فِي الشَّهْرِ الثَّانِي فَخُذْ دَمًا وَطُهْرًا وَاضْرِبْهُ فِيمَا يُقَارِبُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَآخِرُهُ طُهْرٌ ثُمَّ يَوْمٌ دَمٌ بِهِ يَتِمُّ طُهْرُهَا فَيَسْتَقْبِلُهَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي طُهْرٌ يَوْمٌ وَدَمٌ يَوْمٌ وَطُهْرٌ يَوْمٌ فَلَمْ تَجِدْ، وَانْتَقَلَتْ عَادَتُهَا لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ مَرَّتَيْنِ إلَى مَوْضِعِ الْإِبْدَالِ فَتَجِدُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ.
فَإِنْ تَأَخَّرَ بِيَوْمَيْنِ بِأَنْ طَهُرَتْ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تُصَلِّي إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَدَعُ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ ثَلَاثَةً بِطَرِيقِ الْبَدَلِ إلَى أَنْ يَنْظُرَ أَنَّهَا هَلْ تَرَى فِي الشَّهْرِ الثَّانِي فَيَأْخُذَ دَمًا وَطُهْرًا، وَذَلِكَ اثْنَانِ وَيَضْرِبَهُ فِيمَا يُوَافِقُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَآخِرُهُ طُهْرٌ ثُمَّ اسْتَقْبَلَهَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي دَمٌ يَوْمٌ وَطُهْرٌ يَوْمٌ وَدَمٌ يَوْمٌ فَقَدْ وَجَدَتْ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ، وَهَكَذَا نَجِدُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَإِنْ رَأَتْ بَعْدَ طُهْرِهَا سَبْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمَيْنِ دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا، وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَرَى خَتْمَ الْحَيْضِ بِالطُّهْرِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ حَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ خَمْسَةٌ وَطُهْرُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ.
(قَالَ): الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا غَيْرُ مُطَّرِدٍ عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى غَيْرَ أَنَّهُ اضْطَرَّ إلَى هَذَا الْجَوَابِ، وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ الْإِبْدَالَ زِيَادَةٌ عَلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ طُهْرَيْنِ صَحِيحَيْنِ لَا اسْتِمْرَارَ فِيهِمَا، وَلَمْ يُوجَدُ ذَلِكَ الشَّرْطُ هُنَا وَلَكِنَّهُ قَالَ: إنَّهَا لَمْ تَجِدْ أَيَّامَهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ خَتْمَ الثَّلَاثَةِ بِالطُّهْرِ، وَهَكَذَا لَا تَجِدُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فَخُذْ دَمًا وَطُهْرًا، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَاضْرِبْهُ فِيمَا يُوَافِقُ الشَّهْرَ وَذَلِكَ عَشَرَةٌ فَيَكُونُ ثَلَاثِينَ وَآخِرُهُ طُهْرٌ ثُمَّ اسْتَقْبَلَهَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي يَوْمَانِ دَمٌ وَيَوْمٌ طُهْرٌ فَلَمْ تَجِدْ.
وَهَكَذَا لَا تَجِدُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَلَوْ لَمْ نَزِدْ فِي أَيَّامِهَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى أَنْ لَا تَكُونَ حَائِضًا فِي شَيْءٍ مِنْ عُمُرِهَا مَعَ رُؤْيَتِهَا الدَّمَ فِي أَكْثَرِ عُمُرِهَا، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَلِهَذِهِ الضَّرُورَةِ زِدْنَا فِي أَيَّامِهَا فَجَعَلْنَاهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ يَوْمَانِ دَمٌ وَيَوْمٌ طُهْرٌ وَيَوْمَانِ دَمٌ فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ حَيْضُهَا، وَبَاقِي الشَّهْرِ طُهْرُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَتَجِدُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَكَانَ أَبُو سَهْلٍ الْفَرَائِضِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنْ يَجْعَلَ حَيْضَهَا أَرْبَعَةً؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى أَيَّامِهَا لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، وَهَذِهِ الضَّرُورَةُ تَنْدَفِعُ بِزِيَادَةِ يَوْمٍ وَاحِدٍ لِيَكُونَ ابْتِدَاءُ حَيْضِهَا وَخَتْمُهُ بِالدَّمِ فَلَا يُزَادُ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ فَكَانَ حَيْضُهَا أَرْبَعَةً.
وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزَّعْفَرَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنْ يَجْعَلَ حَيْضَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَاعَةً فَإِنَّ الزِّيَادَةَ لِلضَّرُورَةِ فَتَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ، وَتَرْتَفِعُ هَذِهِ الضَّرُورَةُ بِزِيَادَةِ سَاعَةٍ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ فَلَا يُزَادُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ حَيْضُهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَاعَةً، وَلَمْ يَعْتَبِرْ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئًا مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّ كُلَّ دَوْرٍ مِنْ الدَّمِ، وَذَلِكَ يَوْمَانِ فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ لِاتِّصَالِ بَعْضِهِ بِالْبَعْضِ فَإِذَا وَجَبَ زِيَادَةُ شَيْءٍ مِنْهُ يُزَادُ كُلُّهُ فَيَجْعَلُ حَيْضَهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ.
فَإِنْ رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا، وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ حِينِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ حَيْضٌ، وَمَا قَبْلَهُ اسْتِحَاضَةٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا مِنْ أَوَّلِ الرُّؤْيَةِ كَانَ خَتْمُ أَيَّامِهَا بِالطُّهْرِ فَلَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يَزِيدَ فِي أَيَّامِهَا حَيْضَهَا وَإِذَا اعْتَبَرْنَا مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ أَمْكَنَ جَعْلُ الثَّلَاثَةِ حَيْضًا لَهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى زِيَادَةٍ وَإِلْغَاءِ يَوْمَيْ دَمٍ وَيَوْمِ طُهْرٍ قَبْلَ الِاسْتِمْرَارِ أَهْوَنُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي أَيَّامِهَا فَلِهَذَا يُلْغَى ذَلِكَ وَيَجْعَلُ حَيْضَهَا مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ ثَلَاثَةً.
وَكَانَ الزَّعْفَرَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: إنَّمَا يُلْغَى مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمَيْنِ سَاعَةً فَيَبْقَى يَوْمَانِ إلَّا سَاعَةً دَمٌ وَيَوْمٌ طُهْرٌ فَيَضُمُّ إلَيْهِ سَاعَةً مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ حَتَّى تَتِمَّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَيُمْكِنُ جَعْلُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ حَيْضًا لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ وَخَتْمَهُ بِالدَّمِ وَالْإِلْغَاءُ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ الضَّرُورَةُ بِإِلْغَاءِ سَاعَةٍ لَا يَجُوزُ إلْغَاءُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ رَأَتْ بَعْدَ طُهْرِ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا دَمًا وَيَوْمَيْنِ طُهْرًا وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ فَنَقُولُ: إنَّهَا لَمْ تَجِدْ أَيَّامَهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ خَتْمَ الثَّلَاثَةِ كَانَ بِالطُّهْرِ وَهَكَذَا لَا تَجِدُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُهَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي مِثْلُ مَا كَانَ يَسْتَقْبِلُهَا فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ يَوْمٌ دَمٌ وَيَوْمَانِ طُهْرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي مُدَّةِ حَيْضِهَا فَيَجْعَلُ حَيْضَهَا مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ أَرْبَعَةً لِيَكُونَ ابْتِدَاؤُهُ وَخَتْمُهُ بِالدَّمِ، وَالطُّهْرُ فِي خِلَالِهِ قَاصِرٌ ثُمَّ طُهْرُهَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ، وَعَلَى قَوْلِ الزَّعْفَرَانِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا يَزْدَادُ سَاعَةً وَاحِدَةً مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ بِهِ تَرْتَفِعُ كَمَا بَيَّنَّا، وَالْمَسَائِلُ الْمُخَرَّجَةُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ كَثِيرَةٌ وَفِيمَا بَيَّنَّاهُ كِفَايَةٌ فَإِنْ كَانَ حَيْضُهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَطُهْرُهَا عِشْرِينَ فَطَهُرَتْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَعَشَرَةٌ مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ وَالْمُسْتَمِرُّ حَيْضٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِطَرِيقِ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرَ فِي أَيَّامِهَا شَيْئًا.
وَالْإِبْدَالُ بِطَرِيقِ الْجَرِّ مُمْكِنٌ فَإِنَّا إذَا أَبْدَلْنَا هَذِهِ الْعَشَرَةَ يَبْقَى مِنْ زَمَانِ طُهْرِهَا عَشَرَةٌ فَيَجُرُّ خَمْسَةً مِنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ إلَى بَاقِي الطُّهْرِ لِيُتِمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلِهَذَا أَبْدَلَ لَهَا وَقَالَ: تَتْرُكُ مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ عَشَرَةً ثُمَّ تُصَلِّي خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَتْرُكُ خَمْسَةً ثُمَّ تُصَلِّي عِشْرِينَ ثُمَّ تَتْرُكُ عَشَرَةً وَتُصَلِّي عِشْرِينَ، وَكَذَلِكَ إنْ طَهُرَتْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّا إذَا أَبْدَلْنَا لَهَا مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ عَشَرَةً يَبْقَى مِنْ الطُّهْرِ ثَمَانِيَةٌ فَيَجُرُّ مِنْ أَيَّامِهَا الثَّانِي سَبْعَةً إلَيْهِ لِيُتِمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَبْقَى بَعْدَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ حَيْضٌ تَامٌّ فَأَمَّا إذَا طَهُرَتْ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ فَالْآنَ لَا يُبَدِّلُ لَهَا مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ؛ لِأَنَّا لَوْ أَبْدَلْنَا لَهَا عَشَرَةً يَبْقَى مِنْ زَمَانِ طُهْرِهَا سَبْعَةٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجُرَّ مِنْ الْحَيْضِ الثَّانِي إلَيْهِ مَا يَتِمُّ بِهِ الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ، وَالْبَاقِي بَعْدَهَا يَوْمَانِ وَيَوْمَانِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا فَلِهَذَا لَمْ يُبَدِّلْ لَهَا، وَلَكِنَّهُ قَالَ: تُصَلِّي إلَى مَوْضِعِ حَيْضِهَا الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.